-ما هو الاشعاع الطبيعي وما الفرق بين الاشعاع الطبيعي و الصناعي ؟
يعرف الاشعاع الطبيعي بانه الانبعاث التلقائي للطاقة على شكل اشعة من الانوية غير المستقرة في الطبيعة (عددها الذري اكبر من 20) , في حين يشكل الاشعاع الصناعي الطاقة التي تنبعث من النظائر و الانوية التي يتم قذفها بجسيمات دون الذرية (برتون او نيوترون مثلا)او حتى بمستويات عالية من الاشعة السينية او اشعة غاما بحيث تصبح غير مستقرة .
-من قام بإكتشاف الاشعاع الطبيعي ؟
يعتبر هنري بيكيرل (Henri Becquerel) مكتشف النشاط الاشعاعي الطبيعي في عام 1896 حيث كان يعمل على تجربته باستخدام المعادن الفلورية الطبيعية (هي المعادن التي لها القدرة على اصدار او بعث ضوء مرئي ) لدراسة خصائص الأشعة السينية ، التي تم اكتشافها في عام 1895 بواسطة ويلهلم رونتجن. حيث اثبتت تجربته أن اليورانيوم يبعث إشعاعًا بدون مصدر خارجي للطاقة مثل الشمس حيث كان الاعتقاد قديما ان اليورانيوم يمتص ضوء الشمس و يبعثه. كان يكسو الواح فوتوغرافية من صنعه بكبريتات مختلفة مثل الكالسيوم وأملاح أخرى. ولاحظ خلال محاولاته ان الصفائح تتأثر في الظلام رغم عدم قذفها بأشعة أخرى. وكان يدرس موادًا فسفورية تتميز بأنها تضيء في الظلام بعد تعرضها للضوء، وظن أن إسوداد لوحاته كان ناتجا عن المواد الفسفورية. فقام بتجربة في عام 1896 بأن قام بلف الشرائح الفوتوغرافية في ورق أسود ووضع عليها بعضا من المواد الفسفورية، فلم تسود اللوحات الفوتوغرافية. ولكن عندما وضع أملاحا من اليورانيوم على اللوحات الفسفورية المغطاة بورق أسود وجد أنها اسودت، دليل على خروج أشعة من أملاح اليورانيوم تنفذ خلال الورق الاسود. و سماها في سنة 1896 إشعاعات يورانيومية. وكانت ماري كوري وزوجها بيير يدرسان النشاط الإشعاعي للبولونيوم، ويعرفان أن البولونيوم يصدر إشعاعات طبيعيا من تلقاء نفسه. وتأكد كل من ماري كوري وزوجها بيير من سبب إسوداد شرائح بيكريل حيث أنها تسودّ عند تعرضها لأملاح اليورانيوم، وهو أن اليورانيوم أيضا يصدر تلقائيًا أشعة نفاذة تعمل على إسوداد لوحات بيكريل؛ والإسوداد يزداد كلما كان ملح اليورانيوم أكثر تركيزًا.
– هناك نوعين مختلفين من الاشعاع:
1) الإشعاعات المؤينة للوسط الذي تمر فيه، وهي إشعاعات ذات طاقة عالية تعمل على تأيين الوسط الذي تمر فيه بسبب اصطدام الشعاع بذرات الوسط مما يؤدي إلى طرد بعض إلكترونات الذرات وتكوّن الأيونات في الوسط. و من الامثلة على هذه الأشعة بيتا , غاما ,النيوترونات وأشعة ألفا .كما توجد بين الأشعة الكهرومغناطيسية أنواع تتميز بطاقة عالية، فوق عدة (eV) مثل الأشعة السينية وأشعة غاما التي تتسبب في تأين الوسط الذي تمر فيه مثل الغازات والسوائل والمواد الصلبة، وأجسام الكائنات الحية.
2) الإشعاعات غير مؤينة للوسط الذي تمر فيه . منها أشعة الضوء والأشعة الكهرومغناطيسية ذات الطاقة المنخفضة (تحت 1 eV) ، مثل موجات الراديو وأشعة الميكروويف . هذه الأنواع من الأشعة لا تستطيع تأيين ذرات الوسط الذي تمر فيه. والاشعاعات غير المؤينة لا تضر بمعظمها على عكس الاشعاعات المؤينة.
-ينبعث الاشعاع الطبيعي المؤين على الاشكال التالية :
اشعة الفا : وهي ذرات الهيليوم سريعة الحركة
اشعة بيتا: وهي إلكترونات سريعة الحركة
غاما : وهي فوتونات بطاقة عالية جدا من kev الى عدة Mev
فعليًا نحن نعيش في بحر من الاشعاعات و لا نستطيع الهرب منها فهي جزء من حياتنا منذ الازل فقد تعرض كل كائن في كوننا للاشعاع, وكانت مستويات الاشعاع في معظم التاريخ الجيولوجي اعلى مما هي عليه اليوم.و معظم ما نتعرض له من اشعاع يأتي من مصادر طبيعية و من الممكن ان نتعرض لكمية لا بأس بها من مصادر صناعية ايضًا .ماري كيوري واحدة من الروّاد الأوائل في مجال الإشعاعات، لخصّت التحدّي على النحو التّالي: “لا شيء في الحياة يجب أن يُخشى، كلُّ شيءٍ يجب أن يُفهم. الآن هو الوقت لنفهم أكثر، حتّى يتسنّى لنا أن نخاف بشكل أقل.” و سنحاول هنا فهم ما يجري حولنا.
-ما هي مصادر الاشعاع الطبيعي ؟
1) الإشعاع الكوني: يتكون الإشعاع الكوني من جزيئاتٍ سريعة الحركة موجودة في الفضاء وتنشأ من مصادر متنوعة ، بما في ذلك الشمس والأحداث السماوية الأخرى في الكون من انفجارات المستعر الأعظم (supernova) وغيرها, يعني ذلك اننا نتعرض للاشعة الكونية حتى في الليل.تساهم الشمس قليلاً ولكن يزداد تأثيرها عندما نصل الى ارتفاعات عالية. بالإضافة إلى الزيادة في الارتفاعات العالية (أو الارتفاعات الأعلى لأولئك الذين يعيشون في الجبال) ، فإنها تزداد أيضًا مع ارتفاع خط العرض المغناطيسي الأرضي حيث سيتلقى أولئك الذين يعيشون في أقصى الشمال أو الجنوب تعرضًا للإشعاع الكوني بنسبة 15 بالمائة أكثر من أولئك الذين يعيشون بالقرب من خط الاستواء. الأشعة الكونية هي في الغالب بروتونات ، ولكن يمكن أن تكون جزيئات أخرى و فوتونات و تكون جميعها عالية الطاقة. تخترق بعض الأشعة المؤينة الغلاف الجوي للأرض وتصبح قابلة للامتصاص من قبل البشر ، مما يؤدي إلى التعرض للإشعاع الطبيعي. و يتعرض للأشعة الكونية بصفة خاصة الطيارون والمضيفات في الطائرات وكذلك من يستخدم الطيران في سفره حيث يزداد معدلها بالارتفاع عن سطح الأرض(يوضح الرسم زيادة الجرعة الاشعاعية مع الارتفاع و خط العرض). يعرضنا الإشعاع الكوني إلى ما بين (0.2-0.3)ملي سيفرت (20-30 ملي ريم) سنويًا.
2) الإشعاع الأرضي: تشكل قشرة الأرض مصدرًا رئيسيًا للإشعاع الطبيعي. المساهمون الرئيسيون هم الرواسب الطبيعية لليورانيوم والبوتاسيوم والثوريوم و نويدات سلسلة الاضمحلال لهذه الانوية ، والتي في عملية الإضمحلال الطبيعي تطلق كميات صغيرة من الإشعاع المؤين.تحوي الصخور والتربة على تراكيز مرتفعة من البوتاسيوم و اي شيء مصنوع من هذه المواد مثل الطوب والخرسانة سيكون له مستويات مرتفعة من الاشعاع .لا تحتوي بعض الصخور على البوتاسيوم فقط و لكن على بعض التراكيز المختلفة من اليورانيوم و الثوريوم و نويدات سلسلة الاضمحلال. و قد تم العثور على آثار هذه المعادن أيضًا في مواد البناء ، لذلك يمكن أن يحدث التعرض للإشعاع الطبيعي في داخل الأبنية وفي الهواء الطلق. كقاعدة عامة ، تميل الصخور الرسوبية الداكنة (الفحم ، الصخر الزيتي الأسود ، إلخ) إلى أن تكون أكثر ثراءً في اليورانيوم من الصخور ذات الألوان الفاتحة ( وذلك لأن اليورانيوم غير قابل للذوبان في ظروف نقص الأكسجين التي تؤدي إلى تكوين هذه الصخور).بينما بالنسبة للصخور النارية فإنها تميل إلى أن تكون أكثر ثراءً في النشاط الإشعاعي عندما تكون أفتح لونًا (مثل الجرانيت الأحمر والوردي والرمادي). وذلك لأن اليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم عبارة عن أيونات كبيرة تشكل في النهاية الجرانيت والصخور الخفيفة الأخرى. الإشعاع من المصادر الجيولوجية يعرضنا إلى نفس كمية الإشعاع التي نتعرض لها من الأشعة الكونية(ما بين (0.2-0.3)ملي سيفرت).
3) الإستنشاق: مثل غاز الثورون والرادون حيث تنتج هذه الغازات من سلاسل الاضمحلال الطبيعي و يختلف تركيزها حسب طبيعة تركيب الصخور وبمجرد إطلاق هذه الغازات في الهواء ، فإنها تخفف عادة إلى مستويات غير ضارة في الغلاف الجوي ، ولكنها في بعض الأحيان تصبح محاصرة وتتراكم داخل المباني حيث يتم استنشاقها من قبل السكان. يشكل غاز الرادون خطرا صحيا ليس فقط على عمال مناجم اليورانيوم ولكن أيضا على مالكي المنازل إذا تُرِكت لتتراكم في المنزل. يشكل غاز الرادون أكبر مصدر للتعرض للإشعاع الطبيعي. في المتوسط ، نتعرض لحوالي 2 ملي سيفرت (200 ملي ريم) من الرادون في العام.
4) يأتي مصدر الاشعاع الطبيعي الاخير من النويدات المشعة الموجودة في أجسامنا معظمها من البوتاسيوم ، ولكن أيضًا آثار من التريتيوم والكربون 14 (كلاهما يتكون من تفاعلات الأشعة الكونية في الغلاف الجوي) وكذلك اليورانيوم والثوريوم (من الغبار الذي نستنشقه أو نبتلعه ) و توجد كميات ضئيلة من المعادن المشعة بشكل طبيعي في محتويات الطعام ومياه الشرب. حيث تزرع الخضار عادة في التربة والمياه الجوفية التي من الممكن ان تحتوي على معادن مشعة. بمجرد تناولها تؤدي هذه المعادن إلى التعرض الداخلي للإشعاع الطبيعي. امثلة على اطعمة تحتوي على نسب من المعادن المشعة :
-اللحوم الحمراء -الجزر -الموز -البطاطا -المكسرات البرازيلية
ويصل هذا إلى حوالي 0.4 ملي سيفرت (40 ملي ريم) سنويًا.
كمحصلة فإننا نلتقط حوالي 3 ملي سيفرت (300 ملي ريم) سنويًا من المصادر الطبيعية المختلفة.
← الجرعة المحددة للعامة من قبل NCRP(المجلس الوطني للوقاية من الإشعاع وقياساته) هي : 1 ملي سيفرت في السنة الواحدة على شكل تعرض مستمر او 5 ملي سيفرت في حال التعرض المتقطع كالذي نتعرض له من المصادر الطبيعية المختلفة.
مصادر صناعية
بالاضافة الي المصادر الطبيعية المختلفة نتعرض للاشعاع من مصادر صناعية مختلفة اهمها تلك الناتجة عن الفحوصات الطبية والعلاجات حيث تساهم بحوالي 3 ملي سيفرت (300 ملي ريم) كل عام. لكن هذا الرقم متوسط و لا ينطبق على الجميع. من المرجح أن يتلقى الأشخاص المرضى والذين ربما يتلقون عدة فحوصات بالأشعة المقطعية والطب النووي والأشعة السينية والتنظير الفلوري أو العلاج الإشعاعي أكثر من 3 ملي سيفرت سنويًا. حيث يمكن أن يمنحك التصوير المقطعي المحوسب لكامل الجسم 10 ملي سيفرت (1 ريم) أو أكثر. الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة وليس لديهم أي مما سبق ذكره ليس لديهم أي تعرض على الإطلاق. لذا فإن متوسط العدد ، مرة أخرى ، لا يصف الجميع بل فقط حالات محددة.
بعد الإشعاع الطبي ، يكون ما تبقى من ما نتعرض له من مصادر صناعية ذي تأثير قليل للغاية. و تحتوي بعض المواد الصناعية والمنتجات الاستهلاكية على نشاط إشعاعي (مثل كاشفات الدخان ، ومزيلات الكهرباء الساكنة ، والمجلات اللامعة ، وشاشات تلفزيون وأجهزة الكمبيوتر التي تعتمد تقنية الكاثود ، وبعض أنواع الزجاج البصري عالي الجودة ، وشفرات التوربينات النفاثة ، وبعض أطقم الأسنان ،…إلخ). لكن هذه مصادر ثانوية للإشعاع (أقل من 0.1 ملي سيفرت أو 10 ملي ريم سنويًا). المصادر الأخرى للإشعاع (من محطات الطاقة النووية ، الاثار الناتجة عن تجارب الأسلحة النووية ، إلخ) هي في الواقع تافهة إلى حد ما فهي موجودة لكنها تمثل نسبة قليلة فقط من تعرضنا السنوي.
في النهاية نحن نتعرض للاشعاع بشكل طبيعي في حياتنا من غير ضرر ما دام تركيز هذه المواد باقي تحت الحد المسموح , لذلك يجب علينا تعلم اساسيات التعامل مع الاشعاع الطبيعي لنحمي انفسنا من الاخطار المحتملة. و من الممكن ان نقوم كأفراد بفحص منازلنا بشكل دوري لمعرفة تركيز غار الرادون والحرص على تهوية منازلنا و اماكن عملنا جيدا واستعمال واقي الشمس بشكل مستمر لحماية بشرتنا من التعرض المباشر للاشعة فوق البنفسجية حيث تحذر السلطات من التشمس والتعرض لمدة طويلة للأشعة فوق البنفسجية في المصايف وفي صالونات التشميس.
للمزيد من المعلومات:
–http://ansnuclearcafe.org/2017/08/28/radiation-in-daily-life/#sthash.70MN0nsd.mrRWBzXe.dpbs
– Nuclear Principles in Engineering, Second Edition.