الاندماج النووية

الاندماج النووي

يعرف الاندماج النووي بانه العملية التي يحدث فيها اندماج لنواتين خفيفتين مما يكون نواة اكبر حجما.

مثال: في حال اندماج ذرتين من الديتيريوم (وهو نظير الهيدروجين الذي يعرف احيانا باسم الهيدروجين الثقيل) مما يؤدي الى إنتاج ذرة هيليوم و تنطلق معها كمية ضخمة من الطاقة. والواقع ان الطاقة التي تنطلق عند تحول كيلوغرام واحد من الديوتريوم الى هيليوم تزيد ست مرات على الطاقة الناتجة من انشطار كيلوغرام من اليورانيوم.

نظائر الهيدروجين

تفاعلات الاندماج الاكثر دراسة:

• ديوتيريوم + ديوتيريوم ← هيليوم3 (3He) + نيوترون n

• ديوتيريوم + ديوتيريوم ← تريتيوم + برتون P

• ديوتيريوم + تريتيوم ← هيليوم 4(4He) +نيوترون n

• ديوتيريوم + هيليوم3 ← هيليوم4 (4He)+ بروتون p

عندما تندمج انوية صغيرة فإن النواة الناتجة تكون غير مستقرة (تسمى احيانا نواة مركبة) ولكي تعود الى حالة استقرار (ذات طاقة اقل) تطلق جسيم او اكثر (فوتون, نيوترون, بروتون , ويعتمد ذلك على نوع التفاعل). حيث تتوزع الطاقة الناتجة بين النواة الناتجة والجسيمات المنطلقة على شكل طاقة حركية.

الاندماج

في التفاعل الموضح تنطلق ذرة الهيليوم الناتجة بطاقة مقدارها 5.3 MeV  في حين ينطلق النيوترون بطاقة مقدارها 14.1 MeV

لكن تفاعلات الاندماج المعروفة بالتفاعلات النووية الحرارية  لا تحدث إلا إذا تصادمت ذرات الديوتريوم بطاقات عالية جدًا . وهذا يعني وجوب انطلاقها بسرعة عالية جدًا وهذا بدوره يعني وجودها في درجة حرارة مرتفعة للغاية (تزيد على 10 ملايين درجة مئوية). و مثل هذه الدرجة العالية من الحرارة لا يحدث عادة على سطح الارض بل في قلب النجوم الملتهبة.والحقيقة إن طاقة الشمس و ما سواها من النجوم ناتجة من هذه التفاعلات النووية الحرارية.

مثلما يحدث عند تعريض السائل للحرارة فانه يتحول للحالة الغازية فإنه عند تعريض الغازات الى درجات حرارة مرتفعة للغاية تتكون لدينا حالة جديدة للمادة تسمى البلازما و تمثل البلازما وتوصف بأنها غاز متأين تكون فيه الالكترونات والايونات الموجبة حرة الحركة وغير مرتبطة بالذرة او الجزيء و تُعتبر البلازما أكثر أطوار المادة العادية شيوعًا في الكون، سواء بالكتلة أو بالحجم. يمتلئ بالبلازما كل من النجوم البعيدة ومعظم الفضاء بين النجوم والفضاء بين المجرات، تحت كثافات منخفضة جدًا.

وقود النجوم:

إن اهم عملية اندماجية تحدث في الطبيعة هي التي تحصل في النجوم حيث تستمد النجوم حرارتها و ضوءها الممتد عبر الزمان من تفاعلات الاندماج التي تحصل في باطنها. النجوم موجودة في المجرات ولا تحتوي المجرة على نجوم فقط ، بل تحتوي على غيوم من الغاز والغبار. تسمى هذه الغيوم بالسدم و تولد النجوم في هذه السدم(الصورة في الأسفل تمثل سديمًا). يوجد في السديم غاز الهيدروجين الذي يتم شده عن طريق الجاذبية ويبدأ في الدوران بشكل أسرع. على مدى ملايين السنين ، يتم سحب المزيد من غاز الهيدروجين في السحابة الدوارة. تبدأ التصادمات التي تحدث بين ذرات الهيدروجين في تسخين الغاز في السحابة. بمجرد أن تصل درجة الحرارة إلى 15.000.000 درجة مئوية ، يحدث الاندماج النووي في مركز أو قلب السحابة.

سديم
سديم

تتسبب الحرارة الهائلة الناتجة عن عملية الاندماج النووي في توهج الغاز مكونًا نجمًا أوليًا. هذه هي الخطوة الأولى في تطور النجم. يستمر النجم الأولي المتوهج في تكوين و تراكم الكتلة.  ويتم تحديد مقدار الكتلة التي يمكن أن تتراكم بكمية المادة المتوفرة في السديم. بمجرد استقرار كتلته ، يُعرف النجم بأنه نجم التسلسل الرئيسي. سيستمر النجم الجديد في التوهج لملايين أو حتى بلايين السنين. عندما يضيء يتحول الهيدروجين إلى هيليوم في اللب عن طريق الاندماج النووي ثم يبدأ اللب في أن يفقد استقراره ويبدأ في الانكماش. يبدأ الغلاف الخارجي للنجم ( والذي لا يزال معظمه من الهيدروجين ) في التوسع. عندما يتوسع ، يبرد ويبدأ في التوهج باللون الأحمر. وصل النجم الآن إلى مرحلة العملاق الأحمر. إنه أحمر لأنه أبرد من مرحلة النجم الأولي وهو عملاق لأن الغلاف الخارجي قد تمدد إلى الخارج. كل النجوم تتطور بنفس الطريقة حتى مرحلة العملاق الأحمر. تحدد كمية الكتلة التي يحددها النجم أيًا من مسارات دورة الحياة التالية سوف يسلكها النجم. اما ان يكون ذا كتلة متوسطة او ذا كتلة كبيرة .

1- النجوم المتوسطة:

كعملاق أحمر ، يستمر غاز الهيدروجين الموجود في الغلاف الخارجي في الاحتراق مع استمرار ارتفاع درجة الحرارة في مركز النجم. عند 200.000.000 درجة مئوية ، تندمج ذرات الهيليوم لتكوين ذرات كربون في اللب. يتم تفجير آخر ذرات غاز الهيدروجين الموجودة في الغلاف الخارجي لتشكل حلقة حول القلب. تسمى هذه الحلقة بالسديم الكوكبي. وعندما يتم دمج آخر ذرات الهيليوم في اللب لتكوين ذرات الكربون  يبدأ النجم المتوسط ​​الحجم في الموت. تتسبب الجاذبية في انهيار باقي مادة النجم نحو الداخل وضغطها. و ينتقل النجم الى مرحلة القزم الأبيض شديدة الكثافة. تتألق الأقزام البيضاء بضوء أبيض ساخن ولكن بمجرد نفاد كل طاقتها ، تموت. ويصل النجم إلى مرحلة القزم الأسود.

2- النجوم العملاقة:

بمجرد وصول النجوم الضخمة ذات الكتلة الكبيرة إلى مرحلة العملاق الأحمر ، تستمر درجة الحرارة الأساسية في الزيادة حيث تتشكل ذرات الكربون من اندماج ذرات الهيليوم. تستمر الجاذبية في تجميع ذرات الكربون في اللب حتى تصل درجة الحرارة إلى 600.000.000 درجة مئوية. عند درجة الحرارة هذه ، تشكل ذرات الكربون عناصر ثقيلة مثل الأكسجين والنيتروجين. يستمر اندماج وإنتاج العناصر الثقيلة حتى يبدأ الحديد في التكون. عند هذه النقطة ، يتوقف الاندماج وتبدأ ذرات الحديد في امتصاص الطاقة. يتم إطلاق هذه الطاقة في نهاية المطاف في انفجار قوي يسمى سوبرنوفا (المستعر الأعظم)(الصورة في الأسفل تمثل سوبرنوفا). يمكن للمستعر الأعظم أن يضيء السماء لأسابيع. يمكن أن تصل درجة حرارة المستعر الأعظم إلى 1،000،000،000 درجة مئوية.

النجوم العملاقة
سوبرنوفا

يمكن أن تؤدي درجة الحرارة المرتفعة هذه إلى إنتاج عناصر جديدة قد تظهر في السديم الجديد الذي ينتج بعد انفجار المستعر الأعظم. نواة نجم ضخم تبلغ كتلته 1.5 إلى 4 أضعاف كتلة شمسنا ينتهي به المطاف كنجم نيوتروني بعد المستعر الأعظم. تدور النجوم النيوترونية بسرعة وتصدر موجات الراديو. نواة نجم ضخم تبلغ كتلته 10 أضعاف كتلة شمسنا أو أكثر يظل هائلاً بعد المستعر الأعظم. لا يوجد اندماج نووي يحدث لدعم اللب ، لذلك تبتلعها جاذبيتها ويصبح ثقبًا أسود يبتلع بسهولة أي مادة وطاقة تقترب منه كثيرًا.

بالنسبة لشمسنا هي الان في منتصف عمرها حيث تشكل نجم تسلسل رئيسي و بعد 5 مليار سنة ستدخل في طور العملاق الاحمر ولكن الان سيستمر الاندماج في نجمنا و يتحول الهيدروجين الى ديوتيريوم , والديوتيريوم الى هيليوم, ويحدث ذلك بتأثير الجاذبية في مركز الشمس التي تشدُّ ذرّات الهيدروجين (البروتونات) بعضها الى بعض , مولدةً ضغطًا عاليًا ودرجة حرارة مرتفعًة جدًا . وعند اصطدام نيوترون ببروتون تتكون نواة ديوتيريوم, ولدى اصطدام نواتي ديوتيريوم تحدث سلسلة تفاعلات تنتهي بتكون الهيليوم. وحصيلة هذه التفاعلات كلها ان الكتلة الكلية للديوتيريوم المتفاعل اكبر من الكتلة الكلية للهيليوم الناتج . وفرق الكتلة هذا المسمى النقص الكتلي يتحول الى طاقة بمقتضى قانون اينشتاين . تنتقل هذه الطاقة الينا على شكل اشعة شمسية تضيء ايامنا .

صورة توضيحية للشمس

سنتحدث في مقالات الاندماج القادمة عن:

  • المفاعل الاندماجي
  • مراحل إشعال الاندماج النووي بطريقة القصور الذاتي
  • المشروع النووي الاندماجي التجريبي(ITER)

1 فكرة عن “الاندماج النووي”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top