ما هو اضمحلال غاما أو تحلل غاما ؟
تحلل غاما هو تحلل فيزيائي لا يغير نوع العنصر، فالنواة تحتفظ بنفس الأعداد الأصلية من بروتونات ونيوترونات، وكل ما في الأمر أنها تهبط من حالة إثارة إلى حالة أقل إثارة عن طريق إصدار فوتون من أشعة غاما، وتستمر عملية الهبوط من حالة إثارة إلى أخرى مع إصدار فوتون من أشعة غاما في كل مرة حتى تصل إلى الحالة المستقرة. والعنصر لا يتغير في هذه العملية إلا أنه يفقد الطاقة الزائدة.
أشعة غاما
هي عبارة عن الفوتونات المنبعثة من أنوية العناصر المشعة، وهي أشعة متأيّنة ذات طاقة هائلة جداً تنشأ في نواة المادة، على عكس الأشعة السينية التي تنشأ في سحابة الالكترون حول النواة، كما تعرف بأنّها الإشعاع الكهرومغناطيسي الذي يمتلك الطول الموجي الأقصر، والطاقة الأعلى.
متى تم اكتشاف أشعة غاما وكيف؟
تمّ اكتشاف النشاط الإشعاعي عام 1896م على يد الفرنسي بيكريل، وبعد مرور ستة أعوام على هذا الاكتشاف تمكّن الفيزيائيّ البريطاني إرنست روثرفورد من اكتشاف ثلاثة أنواع مختلفة من الإشعاعات التي تنبعث من تحلل المواد المشعّة، وأطلق عليها اسم ألفا، وبيتا، وغاما، حيث تميزت غاما بقدرتها على النفاذ، واختراق الأجسام، كما وجد أن جسيمات ألفا متطابقةً مع نوى ذرات الهيليوم، في حين تمّ تصنيف أشعة بيتا على أنّها إلكترونات، وفي عام 1912م تبيّن أن أشعة غاما هي الأكثر اختراقاً للمواد؛ إذ تمتلك جميع خصائص الإشعاع الكهرومغناطيسي النشط جداً، أو الفوتونات، ففوتونات أشعة غاما أكثر نشاطاً بحوالي 10,000 و 10,000,000 مرة من فوتونات الضوء المرئي عندما تنشأ من نوى الذرات المشعة، وتشكل طاقة أشعة غاما الأعلى بمليار مرة من باقي الأشعة جزءاً صغيراً جداً من الأشعة الكونية التي تصل إلى الأرض من المجرات الكونية والمستعر الأعظم.
مصادر اشعة غاما:
تنتج أشعة غاما من خلال تفاعلات نووية مختلفة، وهي: الاندماج، الانشطار، اضمحلال ألفا، واضمحلال غاما، فالاندماج النووي هو رد فعل ينتج عنه تكون الشمس والنجوم، ويتطلب حدوثه إخضاع أربعة بروتونات، أو نوى الهيدروجين إلى درجة حرارة، وضغط شديدين؛ وذلك من أجل إنتاج نواة الهيليوم، والتي يكون حجمها، وضخامتها بنسبة 0.7% أقل من حجم البروتونات الأربعة التي دخلت عملية الانصهار، وعندها يتم تحويل الفرق الكتلي إلى طاقة؛ وذلك حسب معادلة آينشتاين المشهورة (E = mc2)، ثم تنبعث الطاقة التي تشكّل أشعة غاما ثلثها. ويذكر أنّ نفاذ وقود الهيدروجين في المراحل الأخيرة من عمر النجم يؤدي إلى تشكل عناصر هائلة من خلال عملية الاندماج، مثل: الحديد، ولكنّ هذه التفاعلات تنتج كميةً متناقصةً من الطاقة في كل مرحلة.
من المعروف أن الإشعاعات الكهرومغناطيسية ذات التردد العالي تسبب أنواعًا من السرطان بالإضافة الى عدد من المشاكل الطبية الأخرى، ولكن إذا ما طبقت استخدامات أشعة غاما في ظروف خاضعة للرقابة فإنه يمكن الاستفادة منها في عدد من المجالات، وتلخص النقاط الآتية أبرز استخدامات أشعة غاما:
- استخدامات أشعة غاما في تطبيقات العلاج الطبي: تعمل أشعة غاما على تأيين الأنسجة الحية مسببة السرطانات عن طريق إنتاج الجذور الحرة، ومع ذلك فإن أشعة غاما تقتل البكتيريا والخلايا السرطانية أيضًا، وتدخل استخدامات أشعة غاما في تطبيقات العلاج الطبي لقتل أنواع معينة من السرطان في إجراء متحكم به، بحيث يتم استخدام حزم متعددة مركزة من أشعة غاما والتي تركز مباشرة على الورم لقتل الخلايا السرطانية مع مراعاة عدم التأثير على الخلايا السليمة المحيطة وإصابتها بأي أذى، كما تدخل استخدامات أشعة غاما في المجال الطبي كمعقم للمعدات الطبية حيث يتم استخدامها كبديل للمواد الكيميائية.
- استخدامات أشعة غاما في التطبيقات الصناعية : تدخل استخدامات أشعة غاما في المجال الصناعي في اكتشاف عيوب السبائك المعدنية وفي العثور على النقاط الضعيفة في الهياكل الملحومة، ففي عملية تعرف باسم الأشعة الصناعية يتم قصف أجزاء من الهياكل بأشعة غاما التي تمر بأمان عبر المعدن ثم يتم رصد المعدن بواسطة كاميرات غاما المحمولة التي تظهر نقاط الضعف في الهيكل على شكل نقاط سوداء في الصورة الفوتوغرافية، كما وتدخل استخدامات أشعة غاما أيضًا في فحص أمتعة الشحن في المطارات.
- استخدامات أشعة غاما في تطبيقات صناعة المواد الغذائية: تدخل استخدامات أشعة غاما في تطبيقات صناعة المواد الغذائية للحفاظ على الطعام بنفس الطريقة التي تستخدم بها لتعقيم المعدات الطبية حيث إنّ هذه الإشعاعات تسبب قتل البكتيريا، بحيث تنتج مادة الكوبالت 60 التي تضاف للمواد الغذائية كميات منخفضة من إشعاع غاما مما يسمح لها بقتل البكتيريا والحشرات والخميرة دون التسبب في جرعة مميتة من هذه الإشعاعات للبشر، كما تمنع هذه العملية فساد الفواكه والخضروات ونضجها بشكل زائد، بينما لا تتسبب في أي تغييرات كبيرة في محتوى الطعام.
الاثار السلبية للتعرض لأشعة غاما:
- الأعراض الناتجة عن التعرض للإشعاع بنسب ضئيلة: إذا تعرض جسم الإنسان لجرعات صغيرة أو صغيرة جدًا من أشعة غاما بشكل مستمر لبعض الوقت فقد يصاب بحالة خفيفة من التسمم الإشعاعي، وفي حين أن الإشعاع قادر على قتل أي خلية جسدية فإن أكثر الخلايا حساسية هي الأسرع نموًا حيث إن مادتها الوراثية حساسة بشكل أكبر، ونتيجة لذلك من الأرجح أن تتأثر خلايا الجلد والشعر والجهاز الهضمي أولًا بالتعرض للإشعاع، كما وتشمل أعراض التسمم بالإشعاع الخفيف الغثيان والقيء وتتتطور إلى الضعف العام والتعب بعد عدة أسابيع.
- الأعراض الناتجة عن التعرض للإشعاع بنسب كبيرة: إذا تعرض جسم الإنسان إلى جرعات كبيرة من أشعة غاما سواء كان ذلك بشكل مباشر أو بشكل متراكم عبر الوقت فهذا يؤدي الى ظهور أعراض أكثر حدة قد تشمل الإسهال والصداع وفقدان الشعر والحروق الجلدية، وتشير دراسة نشرت عام 2007 إلى أن الإشعاع الحاد يمكن أن يؤدي إلى الوفاة إما على الفور أو في غضون أشهر، وتشير هذه الدراسة إلى أن الوفيات الناجمة عن الإشعاع تعزى عمومًا إلى فشل النخاع العظمي نظرًا لأن نخاع العظم مثل الجلد يحتوي على خلايا سريعة الانقسام وبذلك يكون عرضة لضرر الإشعاع بشكل أكبر، ويعد نخاع العظم مسؤولًا عن إنتاج كل من خلايا الدم الحمراء والبيضاء، ويؤدي فشل نخاع العظم في إنتاج خلايا الدم بشكل صحيح الى الوفاة.
انفجارات أشعة غاما :
هي انفجارات عملاقة في مجرات بعيدة ترسل أسرابًا هائلة من أشعة غاما التي تحمل طاقة قوية، وتشع النجوم والمستعرات العظمى وغيرها من الأجسام الموجودة في الفضاء طاقتها في أشكال مختلفة من الضوء بما في ذلك الضوء المرئي والأشعة السينية وأشعة غاما والأمواج الراديوية والنيوتريونات، وعلى سبيل المثال تركز رشقات أشعة غاما طاقتها على طول موجة محدد ونتيجة لذلك تعد من أقوى الأحداث في الكون والانفجارات التي تنشأ عنها قوية للغاية، كما يمكن أن ينتج عن تصادم كيانين ممغنطين للغاية مثل الثقوب السوداء أو النجوم النيوترونية إلى خلق نفاثات ضخمة تطلق الجسيمات النشطة والفوتونات والإشعاعات في الكون على مدى العديد من السنوات الضوئية.